من أسرار الجمال في المحبّة أنّ المشاكل التي تطرأ على الطّرفين المتحابّين لا تخرجُ على النّاس ، وإن كانوا أقربَ الأقربين ..
صديقُك ، أخوك ، محبوبُك ، زوجُك ، كلّ إنسان يجمعُك به ودُّ وقرْب ، احرص دائمًا أن تكتمَ ما بينك وبينه من مشكلات ، وأن تكتفي به وحده في حلّها ، فتشتكي إليه منه ، ولا تجد سبيلًا للعدول عنه .
لمّا أراد الله سبحانه وتعالى أن يعالجَ نشوز المرأة أوصى الزّوج باتّباع منهج معيّن فيه ، وهو على التّرتيب : الوعظ ، ثمّ الهجْر ، ثمّ الضّرب ، ثمّ إرسال حكَم من أهله وآخر من أهلِها .
جعل الله الوعظ أولى المراتب ؛ إذ هو اللائق بعلاقة الزّوجين القائمة على التّفاهم ، والسّكن ، والرّحمة ، والذي ينبغي أن يكون قاطعًا لأيّ مشكلة تحصلُ بينهما ..
فإن لم يفلح الوعظ = كان ذلك مؤذِنًا بتصدّع كبير في علاقتهما ، ومن ثمّ يُنتقَل إلى مرتبة أخرى ، يغلب فيها حصول الألَم النّفسي الذي يأباه المحبوب ويرفضه ولا يصبر عليه ، وهما : الهجْر ، ثمّ الضّرب غير المبرّح ..
وعندما يفشلُ ذلك كلّه تأتي محاولة العلاج الأخيرة ، وهي إدخال طرف ثالث بينهما ، وهذا أمرٌ لا محيد عنه في هذه الحالة ؛ فماذا بعدَ أن لا يكون في الوعظ ، والهجر ، والضّرب جدوى ؟!
هذا يعني أنّ الحبّ في الرّمق الأخير ، إن لم يكن قد مات ، وتحلّل أصلًا !
واشترط الله تعالى في هذا الطّرف أن يكون صادق النّية ؛ ليحقّق الإصلاح المنشود "إن يريدا إصلاحًا يوفّق الله بينهما" ، وفي هذا القيْد إيماء إلى أنّ الأصلَ أن لا يصل الزّوجان إلى هذه المرحلة ، وأنّ إقحام أحدٍ من النّاس بينهما وإن كان من أهليهما = لا ينبغي أن يُصار إليه إلا عند الضّرورات .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق